توأم الروح
منذ القِدم آمنت البشرية بفكرة توأم الروح ورفيقها حيث يجد كل شخص عند رفيقه السلام والطمأنينة والراحة يخالطهم بقيّة مشاعر الحب والأُنسَة وحتى المشاعر السوداء . فكثير من البشر يخوض في مغامرات الحب باحثاً عن تلك الروح التي تستكِن عندها روحه فيَفرح لأنه وجده أخيراً و لِيَعيش بقيّة حياته بقربه. ولأن مشاعر الحب معقّده وارواح البشر كذلك خاضت الفلسفات والآراء فيهما ليجِدوا المعنى الحقيقي لتوأم الروح وليفسِّروا وجوده , فخرجت لنا العديد من المعاني لوصف توأم الروح احدها يقول ان توأم روحك هو نقيضك , الشخص الذي يكون بعكسك فالفِكرة من توأم الروح هو ان يكون مكملاً ِلنصفك انت لا ان يكون مثلك تماماً ! ورأي اخر يقول ان توأم الروح هو الشخص الذي يكون شبيهاً لك في صفاتك وطباعك ليُبادلك المشاعر ذاتها , وأيضا احد الاقوال يصف شريك الروح بأنه شخص تجد روحك عنده الطمأنينة والسعادة قبل أي شيء وبدون مقدمات , او قد يكون شخص تحبه من كل أعماق قلبك ويُبادلك الشعور ذاته فجأة . و هناك العديد من الآراء المتنوعة حول ماهية صفات رفيق الروح وذلك باختلاف الناس وكلها اراء خاصه بأصحابها قد يكون بعضها مبنياً على فكرة ارتباط توأم الروح بالحب المتبادل بين الجنسين فقط !.
في عالم الاساطير نجِد العديد من التفسيرات لفكرة توأم الروح باختلاف الحضارة والبلد , كما في الميثولوجيا الاغريقية التي تقول انه في بداية الخليقة لم تكُن اشكال البشر كما اليوم , فكل زوجين كانا ملتحمين ببعض حيث يُكوِّنان جسد واحد له أربعة اذرع و أربع ارجل , هذا الالتحام أدى الى امتلاك البشر لِلقوة التي كانت قادرة على الإطاحة بالآلهة كما كان لهم تطلع دائم للسماء , وبسبب ذلك خافت الالهة من ان يُطيح البشر بهم فيصبحوا هم انفسهم الهة لذلك قام زيوس بتغيير خلقتهم وقسمهم الى زوجين ثم قام بتفريقهم في الأرض لكي يعيش كل نصف حياته باحثاً عن نصفه الضائع . كما نتج عن الانقِسام مشاعر تسمى "الحب" فاعتُبرت احد لعنات الالهة على البشر .
وهذه الأسطورة تطرح تفسيراً لفكرة الزواج قديماً وفكرة البحث عن رفيق الروح والحياه والذي هو لإعادة الأصل الواحد و التِأم النصفين معاً من جديد واعتبار الحب لعنة البشرية . اما في الأسطورة اليابانية فهناك معتقد يقول ان كل ثنائي "رفقاء روح" يربط بينهم خيط احمر لا يمكن رؤيته , خيط يربط ارواحهم ببعض ولا يمكن ان يُقطع ابداً ولا ينتهي مهما باعدَت المسافات بينهما .
هناك أيضاً اسطورة يونانية قديمة تُكسَر فيها الفكرة السائدة عن توأم الروح وهي ان يكون من جنس مغاير لجنسك , فَالأسطورة تحكي ان (افروديت) الهة الجمال والحب انجبت طفلاً اسمته (ايروس) لكن لاحظت الام ان طفلها لا يكبر ابداً ولا تنمو جناحيه وروحه لاتزال روح طفل صغير لا تنضج ابداً , فذهبت لأختها (ثيميس) الهة المشورة تستشيرها , فنصحتها الاخرى بأن تُنجب (افروديت) طفلاً اخر , ففعلت وأسمته (انتيروس) , فكانا هذين الصغيرين يتشاجران معاً دائماً ويتنافسان بشدة ويكيدان لبعض وفي نفس الوقت يُحبان بعضهما ومقربين من بعضهما بشدة , فكانت الام تلاحظ ابنها (ايروس) ينمو ويكبُر مع أخيه لكن في حال ابتعاده عنه يتقلص حجمه ويصغر . في هذه الأسطورة فكرة توأم روحك لا يقتصر على كونه شخص بعيداً عنك كل البعد او مغايراً لك , قد يكون احد افراد عائلتك او احد اصدقائك , فالفِكرة لا تقتصر على ان تَكنّ له الحب العميق المتبادل كما في الأفلام السينمائية فقط , بل حيث تجد روحك السلام والراحة والبقاء على طبيعتها, حتى لو كان الشخص الاخر نقيضك لكنه يُظهر جميع جوانبك التي تُخفيها عن الاخرين , مشاعرك السوداء والبيضاء .
هناك ُمعتقدات يؤمن بها البعض حول كيفية معرفة توأم الروح , احدها يقول انه شخص سبق وان قابلته في الحلم او في رؤيا لك لكن لم يسبِق لك ان رأيته على ارض الواقع ابداً !! ومعتقد اخر يقول انه أحياناً قد تتألم من شيء فجأة من الممكن ان يكون توأمك تأذى في مكان اخر من العالم . احد الاعتقادات تقول ان توأم روحك الحقيقي قد يكون شخص عاش في حقب زمنية قد ولّت وانتهت !! أو قد يكون شخص يعيش معك بنفس الفترة الزمنية لكنه اكبر عمراً الان . ايضاً معتقد اخر يقول انه من المحتمل الّا يكون توأم روحك شخصاً واحداً فقط , قد يكون عدة اشخاص !. وايضاً هناك معتقد يوضح انه لا يُشترط ان يكون توأمك انسان !!.
هناك مقوله يدل معناها على الّا تبحث عن رفيق روحك فهو سوف يأتي اليك , لكن يجب عليك ان تكون وقتها مستعداً و ذو قلب مفتوح . فالمُعتقدات السائدة تقول ان المفتاح والسبيل لإيجاد توأمك هو قبول الذات وانفتاح القلب واستنارة العقل وقتها ستصل اليه لا محاله !. لكن كيف ستعرفه ؟ التقاء ناظريكما معاً سيكفي لذلك و ستدرك لحظتها انه هو من تبحث عنه !.
بعيداً عن هذا كله في علم النفس توأم الروح هو خرافة وهناك دراسات ومقالات توضح انها فكرة مستحيلة او شبه مستحيلة !! , لكن المسألة هنا مسألة تصديق وايمان ورأي وفكرة شخصية , فلكل منّا فكرته الخاصة حول مفهوم "توأم الروح" وربما البعض لا يُصدقها ولا يؤمن بها .
ختاماً مفهوم توأم الروح او رفيق الروح او ال Soulmate برأيي الخاص لا يقتضي فيه ان تكون روحك ناقصه الى الابد حتى تجد من يكملها عنك , ارواحنا كامله بذاتها لكن قد لا ندرك بعضاً منها او نحاول اخفاء اجزاء منها عن البقية حتى يأتي ذلك الشخص الذي يظهر ويبرز كل مافينا , كما انه لا يقتضي ان يكون توأمك شخصاً بعيداً عنك كل البعد , قد يكون احد اقاربك , اخوتك او اصدقائك . واخيراً توأم الروح لا يلزم ان تكون المشاعر المصاحبه له هي مشاعر الحب بمفهومه الرومانسي , قد تعيش معه جميع انواع المشاعر على حد سواء , لكن بالنهايه هو شخص تسعد لِلقائه وتفرح لفرحه وتحزن لحزنه , شخص تستكن عنده روحك حيث لاتتكلف عناء التجمل امامها بل تبقى كما انت على سجيتك . هل تؤمنون بوجود توأم لأرواحكم ؟
by\Galiah
المصادر\
تعليقات
إرسال تعليق