الاميرة بوكاهونتاس
بوكاهونتاس شخصية تاريخية حقيقية عُرِفت كأميرة للهنود الحُمر ومملكة "بوهاتان" وليست شخصية من وحي خيال ديزني والأفلام العالمية , والتي يعني اسمها في لغة شعبها "الفتاة الشقية ذات الروح المرحة و الحلوة" . في الواقع اسمها لم يكُن بوكاهونتاس انما هو لقب تلقّبت به في صغرها كما ان لها العديد من الأسماء ك"ماتواكا - Matoaka" و "امانوت - Amonute" ويُقال ان بوكاهونتاس هو اسم والدتها وقد اخذته بعد وفاتها و كان هذا الاسم الذي اُشتهرت به في كل الارجاء . ومن المعروف انها كانت اول بنات الحاكم "وان سانكا" الثلاثين , حيث كان يتزوج من كل قبيلة فتاة لتُنجب له و لِينتشر الدم الملكي في كل قبيلة و ترمز هذه العادة لموالاة كل قبيلة لحاكمها .
ولقصة بوكاهونتاس روايتين مختلفتين تتحيّز كل واحدةٍ منهم لطرف دون الاخر . الرواية الأولى تم تجسيدها وتصويرها في العديد من الأفلام و القصص والرسوم المتحركة وهي الرواية الأشهر لديزني والتي اُقتبِست من روايات ومذكرّات البحّار "جون سميث" وتدور قصتها عن (اِحدى اميرات الهنود الحُمر تُدعى بوكاهونتاس , شابة في الثامنة عشر من العمر , جميلة , ذكية , طيبة وطاهرة القلب مثل كل اميرات عالم ديزني . تُحب المغامرة والضحك والاستكشاف , تؤمن بأن لقبيلتها عادات همجية يجب ان تتغير وان تنفتح على العالم وتندمج معه .
في احد الأيام رَسَت سُفن انجليزية مليئة بالبحارة و المستكشفين والجنود للقارة الجديدة أمريكا . على متن السفينة كان بحّار وسيم عُرِف باسم "جون سميث" الذي وقع في احدى رحلاته الاستكشافية داخل القارّة مع طاقمه في يد الهنود الحُمر وتمّ اخذه كأسير لديهم واقتِيد الى حاكمهم ليأمر بقتله لكونه قائداً للدخلاء على القارّة واراضي الهنود . لكن ما ان لبِث حتى تدخّل صوتٌ يمنع حدوث حُكم القتل عليه , صوتٌ رقيق , كان صوت الجميلة بوكاهونتاس . التي كان لها مكانة عظيمة في قلب والدها الحاكم وعفى عن البحّار من اجلها .
مع الوقت وقع جون سميث في غرام الاميرة والتي اُغرِمت به هي أيضاً . فكانا يلتقيان سراً وتأخذهما الاحاديث عن كل شيء . وبعد العديد من اللقاءات وضحّت بوكاهونتاس تفكيرها تجاه شعبها ورغبتها في الانفتاح والاطلاع على الحضارات الأخرى لحبيبها ورغبتها في إيقاف حروبٍ قادمة بين الطرفين , وكان جون يُوافقها في كل آرائِها , لكن في الأخير نشبت عدة مناوشات بين الطرفين نتيجة مكيدة مدبرة من احد رجال الهنود الحُمر والتي انتهت بإصابة جون وارساله الى بلده الام ليتعافى هناك .
بعد وقتٍ طويل من الانتظار لأخبار البحّار جون سميث بلَغ بوكاهونتاس يأن حبيبها قد فارق الحياة . وقد قرر والدها بعدها ارسال ابنته العزيزة الى بلاد الانجليز لتكون سفيراً للسلام وممثلاً لقبائل الهنود الحُمر عند ملك بريطانيا والعائلات النبيلة .
وهناك كانت بوكاهونتاس ضيفة عند احد النبلاء الانجليز الذي مع الوقت وقعا في حب بعضهما وتزوجا , فقامت بتغيير اسمها هناك الى "ريبيكا" واعتنقت المسيحية واحبّت الحضارة الإنجليزية من كل اعماقها , وليكون زواجها يرمز لاتحاد الانجليز مع شعب الهنود الحُمر , وتنتهي القصة في نهاية سعيدة للأميرة الجميلة .)
الرواية الأخرى تمت محاربة نشرها بقوة وقد دوّنها اثنين من الهنود الحُمر المعاصرين ممن حملوا الجنسية الامريكية والتي تحكي جانب السكان الأصليين للقارة وتقول : ( في احد الأيام توجه مجموعة من رجال الدين لشعوب الهنود و اهل الشورى ليخبروا حاكمهم بوصول مجموعة من الغرباء بالسُفن , فطلبوا منه التودد وحسن الضيافة والكرم , ففعل الحاكم وارسل من شعبه من يقوم بالاستقبال بأحسن الهتافات والذ الأطعمة للغرباء .
مرّت أربعة اشهر على استقبال الانجليز في القارة الجديدة ولايزال الهنود يُرسلون لهم الطعام و المؤونة حتى اصبح ما عندهم لا يكفيهم . فإذا لم يُرسل الهنود الطعام للبحّارة يُجن جنونهم فيبدؤون بقتل من اكرموهم واحسنوا ضيافتهم . من بين هؤلاء البحّارة الانجليز كان الوسيم "جون سميث" الذي كانوا ينظرون له كما لو انه اله لجماله ولأنه كان يحمل عصاً غريبة على السكان كانوا يتعجّبون منها وتسبب لهم الرعب "البندقية". فقد كان هو قائدهم وممن كانوا يقتحمون القُرى ويجن عندما لا يُرسَل له الطعام والمؤونة .
لم يُعجب هذا الجنون رجال الشورى والدين لذلك اقترحوا على حاكمهم التفاوض مع قائد البحّارة جون سميث لإيقاف الفوضى , فأرسل الحاكم بإحضاره على الفور . وفي اِحدى رحلات جون الاستكشافية باغته الهنود الحُمر حتى هرب طاقمه وتركوه خلفهم فوقع اسيراً في يدهم فأخذوه لحاكمهم للتفاوض .
وفي مجلس حاكمهم اُستُقبِل جون بحُسن واتفَق معه الحاكم على عدة شروط لإنهاء فوضى الانجليز كإعطائهم ارضاً خصبة و وفيرة بالمياه وتزويجهم بأجمل النساء بالمقابل الوقوف معهم ضد الاسبان المخربين لأراضيهم . وافق سميث على هذه الشروط وبقي في قصر الحاكم عدة أيام حيث قابل هناك الاميرة الجميلة بوكاهونتاس وقد كانت وقتها طفلة ذات عشر سنوات . فكانت هي من تُحضر له المياه والطعام وتلعب معه قليلاً وتعلمه بعض مفردات لغتها وتتعلم منه بعض الكلمات الإنجليزية .
بعد رحيل جون سميث وعودته لمعسكر الانجليز أذيع خبر وفاته وبعدها بدأت العديد من المناوشات والمعارك بين الطرفين كان ضحيتها هم والهنود الحُمر , تم قتلهم بالجملة بأبشع الطرق واحدث الأسلحة , ثم قاموا باستعباد من انصاع من رجالهم ونسائهم واطفالهم كما تم استغلال نسائهم كمتاع جنسي. وقد استمرت هذه الحروب لسنوات راح ضحيتها 80% من السكان الأصليين والتي تصل اعداد الضحايا فيها الى ارقام خرافية لا تُقارب الأرقام المعروضة حالياً .
قام الانجليز بعدها باختطاف الاميرة بوكاهونتاس و حمّلَت على متن سفينة مغادرة لبريطانيا , تعرّضت فيها الى الاغتصاب و المعاملة الوحشية والاهانة .
وفي بريطانيا عرض احد النبلاء عليها الزواج بمقابل إيقاف الحرب بين الطرفين فوافقت بوكاهونتاس على امل انقاذ شعبها من هذه المجزرة , وقد طلبوا منها حتى يتم الزواج ان تعتنق المسيحية وتغيّر اسمها الى "ريبيكا" وقد فعلت , حتى اكتشفت الاميرة لاحقاً ان كل شيء كان مجرد صورة مشوهة اُستُغلت هي فيها لتصوير حُب الهنود الحُمر للإنجليز والدليل هو زواج اميرتهم من احد النبلاء .
بعد وعي بوكاهونتاس بكل ما يدور حولها بدأت بالرفض والوقوف ضد زوجها لإظهار الحقيقة التي رسمَها الانجليز حولها ككونها اميرة كرِهت شعبها الهمجي وبأن الانجليز دخلوا القارة لنشر الثقافة والحضارة وإيقاف الهمج وليسوا بقَتَله , ولأن صوتها بدأ يعلو واصبح يُزعج زوجها قام بقتلها حيث دسّ السم في المياه التي تشرب منها . فماتت بوكاهونتاس ولم تستطع إيصال الحقيقة كاملة عن شعبها للعالم.)
في كلتا الروايتين جون سميث لم يمت ابداً , ففي الرواية الأولى الأكثر شهرة جون كان بحّاراً غير مخلص في حبه لبوكاهونتاس وأنه مُسبّب للمتاعب والمشاكل ولا يستطيع الاستقرار , بينما في الرواية الثانية فقد قام الانجليز بتلفيق خبر وفاته وارسلوه لبلاده لأنه اتفق مع حاكم الهنود الحُمر على عدة شروط , وبموته تموت تلك الاتفاقية ويُنقض العهد.
by\Galiah
المصادر \
رواية "انتخريستوس"
تعليقات
إرسال تعليق