رِواية النّباتية
النّباتية هي أحَد مُؤلّفات الكاتِبة الكورية هان كانغ التي نُشِرت عام 2007 والحائِزة على جائزة "مان بوكر" الدولية عام 2016 و تُرجمت لِلعربية عام 2017 على يَد محمود عبدالغفّار .
قرّرت كِتابة هذه التّدوينة بَعد قرائَتي لها بِكل حَماس ورَغبةٍ شَديده لِمعرفة النّهاية . فَسُهولة اللغة المُستخدمة في الرّواية جعلَ أمر انهاءها يَسيراً عليّ في أقل من 48 ساعة , أعترِف اني كُنت اسرق دقائق الفراغ في العَمل ومسافَة الطّريق لِلمنزل لِقراءتها . فَأكثر ما يُميزها هو إثارتها لِلدهشة في أحداثِها والسّريالية في بَعض الصور , السّوداوية واليأس والتأمّل , اسقاط الألم على ما تُعانيه نِساء الرّواية وسَرد الحَدث بِسلاسة وَوضوح جَميل . كُل هذه العوامل جَعلت من الرّواية مُستحِقة لِكل جائزة تأخذها بِنظري . فَقال عَنها بويد تونكن رئيس لَجنة التّحكيم لِلسنة التي فازت بِها الرّواية "بِأنها عمل قوي وأصلي لا يُمكن نِسيانُه" وقالَت عنها مَجلة (publishers weekly) في وصفٍ لِلرواية "رواية عن الجِنسانية والجُنون , جَديرة بِكل هذا النّجاح التي لاقته , مُرعبة في تَصوير جَهلِنا بالآخر , تَحفر عميقاً في جوانِب مُظلمة في النّفس البَشرية , مُتمرّدة ومُستفزة وذكية لايُمكن نِسيانها ".
-عن ماذا تَحكي هذه الرّواية ؟
"لم أكُن أرى شَيئاً مُميزاً في زوجتي قَبل أن تُصبِح نباتيّة" , تَبدأ القِصة عندما يَتحدثُ زوج بَطلتنا (يونغ هاي) بِهذه الجُملة فَتبدأ معها سِلسلة من الاحداث والتّصرفات التي نَراها بِمنظور الشّخصيات الرئيسية كلٌ في جُزئيةٍ مُنفصلة . فَشخصية (يونغ هاي) شخصية صامِته , أي سنفهم أحداثها وأفعالها بِمنظور الشخصيات الأخرى في عالم الرّواية , وسنعيش مَعهم مشاعِرهم الخاصة ورغباتهم السوداوية والمُظلمة ونَظرتهم لِ(يونغ هاي) التي قَررّت ترك أكل اللحوم والتّحول لِنباتية بِسبب حُلم !.
و تقول الكاتِبة هان كانج في نُبذةٍ عن رِوايتها أنها قِصة عن (يونغ هاي) التي ترى اتّخاذ النّظام النّباتي كَطريقة لِعدم التّسبب في الأذية لأي شيء , و لإعتِقادِها بِأن أكل اللحوم هو تَجسيد لِلعُنف البَشري فَتختار النباتية لِتطهير ذاتها مِن هذا العُنف , حتى تَبدأ بالنّظر لِذاتها كَنبتة لِتتوقف عن الاكل تماماً .
- قَد تَخلق عِندك هذه النّبذة أو عنوان الرّواية مساراً بَسيطاً لِعدة سيناريوهات في داخلك مثلي , لكن القصة سَتّتخذ مساراً مُختلفاً وجذاباً عن كل ما قد نتوقّعُه . فالرّواية تُطرح فِكرة المُعاملة السيئة التي تَتعرض لها النّساء في المُجتمع والفكرة التي تربِطها قسراً بِالمنزل وتَنميطها والتّعدي على حقها في الإختيار والهُجوم على الاختلاف عن الصورة السائِدة . لِتَدمج الكاتِبة مَسارات أحداث قِصتها بِمزيجٍ من الاثارة والرّعب والجُرأة . هذه الرواية المُمتعة لا تَتطرق الى النظام النّباتي بِحد ذاته ولا تُقدّم أسباب منطِقية لِلتحول الى هذا النّظام على الاطلاق كما قَد يَعتقِد القارئ من عُنوانها . كما أنها قَد تكون رِواية شَيّقة في فَصلها الأول لكنها تَتحول الى الجُزء المُثير والجَريء في فَصلِها الثّاني حتى تَصل الى اللّحظات الحَسّاسة والمُخيفة في آخرِها . كَما أنها تُوضّح نِظام العوائل في كوريا الجَنوبية وتُعطي صورة واضحة لِلقارئ الجاهِل لِبعض الأمور حول ثَقافَتهم العائلِيّة التي قَد تكون مُشابِهة لِثقافتنا نوعاً ما .
- كُتِبت هذه الرّواية بِاختِصار بليغ مُدهِش لِتَجذب انتباه القارِئ مِن بِدايتها حتى النّهاية آمِلاً بِمعرفة ماورَاء أفعال واقوال شَخصيّاتِها . و بِالنسبةِ لي هذه الرّواية مُميزة ومن ضمن الأعمال التي أحببتها كثيراً ووصلني شُعور شَخصياتها وتَفهمتها , إن كنت شَخصاً مُتحفظاً قليلاً قد لا تُريحك هذه الرّواية على الإطلاق . أتمنى لكم قِراءة ماتِعه .
by/Galiah
تعليقات
إرسال تعليق