التفاحة
لطالما امتلك التفاح سحراً خاصاً به في القصص الشعبية والاساطير منذ قديم الزمان وحتى يومنا هذا , فلم تكن فاكِهةً ذات مذاقٍ طيب وحسب , بل رمَزت للعديد من الأمور كالفساد و الغواية والشر ولِلحب والحرب والخلود أيضاً . وقد تجسّدت هذه الرموز في قصص شهيرة كقِصة بياض الثلج وفي قِصة حرب طروادة , ويُعتَقد ان هذه الفاكهة هي احد اول الفواكه التي عرفها الانسان القديم من العصر الحجري ويُعتقد ايضاً انها من اول الأشجار التي استطاع الانسان زراعتها .
احد اشهر القصص التي برزت فيها التفاحة هي قصة آدم وحواء في الجنة حيث امر الله الزوجين الّا يأكُلا من ثمار شجرةٍ محدّدة لكن ابليس اغواهُما بالخلود في حال اَكَلا منها , ورغم عدم ذِكر الروايات الدينية لإِسم او شكل الثّمَرة المُحرّمة على آدم وزوجه الّا ان رسّامي عصر النهضة صوّروا حواء مُمسكةً بالتفاحة وذلك نتيجة تأثرهم بالأساطير الاغريقية , ولذلك فإن حُضُور التفاحة اعتاد الظهور في اذهَان الناس في هذه الرواية وأصبحت رمزاً للغِواية والخطيئة .
و يُقال ان اول ظهور للتفاح في الاساطير كان في الأسطورة الاغريقية حرب طروادة , حيث رَمَزت التُفاحة فيها الى الحرب والحب فتقول الأسطورة ان "ثيتس" دَعت "افروديت الهة الجمال و أثينا الهة الحكمة و هيرا الهة الانوثة" الى زواجها ولم تقُم بدعوة "ايريس الهة النزاع" التي غضبت بشدة فقررت تدبِير خدعة لِتبُث النّزاع بين الالهة الثلاث , فقامت بقذف تفاحة ذهبية بين الحشد في الحفل كُتِب عليها "الى الأجمل" , فقامت كل واحدة من الالهة الثلاث بالادعاء بأن هذه التفاحة لها , ولِحل النّزاع تدخّل "باريس" الذي كان اميراً لِطروادة وكان اجمل رجال الأرض فقرر إعطاء التفاحة لمن يراها تستحِق , فقامت كل واحدةٍ منهُن بمحاولة اغراءه , فوعدته هيرا بالسلطة ان أعطاها التفاحة , ووعدته أثينا بالحكمة وأخيراً قالت افروديت بأنّها ستُعطيه اجمل نساء الأرض وقتها "هيلين الاسبارطية" فأختار "باريس" بأن يُعطي التفاحة ل"أفروديت" التي اوفت بوعدها وقامت بإرساله الى اسبارطه واستغل غياب ملكها لِيُغوي زوجته "هيلين" والتي وقعت في حُبه وهربت معه الى طروادة , ومن هنا بُثّت شرارة الحرب الأسطورية الشهيرة .
وبحسب الاساطير الاغريقية فإن التفاحة مهمة عند الهة الجمال "افروديت" فهي تُعتبر رمزاً للحب و لذلك يتم تصويرها في العادة وهي ممسكة بالتفاحة فنشأ مُعتقد يقول انه "اذا رميت أحداً بالتفاحة فأنت تُحبه , واذا التقطها فهو يُحبك" !.
يوجد في الاساطير الاسكندنافية الهة الخلود والشباب "ايدون" حارسة التُفاح الذي كانت تُقدمه للألهة كثمرة تُجدد الشباب وتمُد العمر , ففي احد الاساطير التي ذكرت انه تم اختِطاف "ايدون" على يد احد العمالقة بدأت الالهة تشيخ بسبب غيابها وتهرم , ومن منطلق هذه الأسطورة اتُّخِذت التفاحة لِترمز للخلود .
وقد تعدّدت المعاني التي يرمز لها التفاح والمعتقدات كذلك , فهناك مُعتقد يقول ان السفينة التي تُبنى من خشب شجرة التفاح فإن مصيرها الغرق وموت طاقمها وتجلب الحظ العاثر لِصاحبها وذلك بسبب ان خشب شجر التفاح يُستخدم لصُنع التوابيت !. كما اعتُبرت التفاحة في المعتقدات القديمة كرمز للخصوبة والحمل التي تساعد على حدوث الامر و أيضاً المرأة التي تأكل التفاح تلد طفلاً جميلاً . وفي احد المعتقدات الأوروبية يُقال انه اذا تم ربط تفاحة بشريط ثم قمت برميها على كتف فتاة من الخلف فإنه بعد سقوطها سَيظهر لها شكل زوجها المستقبلي !. وفي الثقافة الاسيوية فإن التفاحة ترمز للأنثى ولجمالها .
في الثقافة البشرية بشكل عام نجِد حضور التفاح بارزاً لِلغاية في قصص الأطفال والأمثال الشعبية كما ان الاساطير تحمل بين طيّاتها العديد من الاحداث التي استُخدِمت فيها التفاحة لِترمز لمعانٍ عدة ومختلفة والتي نتج عنها معتقدات متنوعة . ولم يقتصر حضور هذه الثمرة فقط في الادب والقصص بل حتى في لوحات رسّامين استعارُوها لِتخدم المعنى الذي يحتاجونه في لوحاتهم , وأيضاً حتى في السينما و مجال الإعلان .
by\Galiah
المصادر :
تعليقات
إرسال تعليق